وأمّا من فرق بين البكاء الذي يصحبه صياح، أو ضرب للخدود، أو دعاء بالويل، وبين غيره من البكاء، فلأنّ تلك القرائن مشعرة بالغضب، والسخط، دون البكاء المجرَّد منها؛ فإنّه دليل الحياء، وخوف فراق بيوت الآباء1.
وأمّا من جعل البكاء دليلاً على الردّ وعدم الإذن؛ فلأنّ البكاء وضع أصلاً للحزن، والسخط، والكراهية، لا للفرح والرضى، بخلاف الضحك والتبسُّم؛ فإنّ وضعه لما يسرّ ويفرح، وليس هو بصمت فيدخل في عموم الأحاديث2.
وأمّا من اعتبر قرينة الحال، وعوّل عليها في الفصل في هذا المقام؛ فلأنّ البكاء يدلّ على الحزن والكراهية، وقد يكون لغير ذلك، وقرينة الحال هي التي تدلّ على المراد به.