قال ابن قدامة: (ليس بين أهل العلم اختلاف في حل نساء أهل الكتاب، ولكن ترك نكاحهن والاستغناء بالمحصنات من المؤمنات أولى وأفضل) ويجوز محبة الزوجة الكتابية بمقتضى الطبع أي لغير دينها.
الرابع والعشرون: يجوز التعاون والتحالف مع الكفار في كل أمر يكون فيه بر وتقوى بشرط أن لا يؤدي إلى موالاتهم, فإذا حالف المسلمون أمة غير مسلمة على أمة مثلها ; لاتفاق مصلحة المسلمين مع مصلحتها، فهذه المحالفة لا تدخل في عموم المنهي عنه قال تعالى (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن حلف الفضول الذي كان قبل مبعثه وكان حلفاً مع المشركين (لقد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفاً لو دعيت به في الإسلام لأجبت) وسبب هذا الحلف أن قريشًا كانت تتظالم في الحرم فقام عبد الله بن جدعان والزبير بن عبد المطلب فدعوا إلى التحالف على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم فأجابوهما وتحالفوا في دار ابن جدعان.
الخامس والعشرون: يجوز استخدام الكفار واستعمالهم في الوظائف بشرطين الأول تعذر من يحل محل الكفار من المسلمين، الثاني أن يؤمن جانبهم على الإسلام والمسلمين, ويجوز للمسلم الاستعانة بالكافر غير المحارب في الأمور الدنيوية التي لا تتصل بالدين , وعموماً ينبغي التفريق بين استخدام الكافر كشخص بمفرده في أمر من الأمور وبين استخدامه كصاحب سلطة ونفوذ في أمر من أمور الدولة الإسلامية فالأول جائز والثاني لا يجوز.
السادس والعشرون: جواز تهنئتهم بالأمور الدنيوية التي لا صلة لها بالدين والعقيدة إذا اقتضت المصلحة الشرعية ذلك؛ وإنما المنهي عنه تهنئتهم بأعيادهم الدينية , كالتهنئة بالولد، أو بسلامة الوصول من السفر، أو نحو ذلك، فالأصل الجواز؛ لعموم قوله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.
السابع والعشرون: استحباب الدعاء لهم بالهداية , فالدعاء لغير المسلمين بالهداية جائز بل هو مستحب، حتى لو كانوا محاربين، فقد دعا الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لطوائف كثيرة من الكفار بالهداية, فمن ذلك: ماروه أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يوماً، فأسمعتني في رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ما أكره، فأتيت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأنا أبكي، فقلت: يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام، فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله تعالى أن يهدي أم أبي هريرة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (اللهم اهد أم أبي هريرة).
وقَدم الطفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه على النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: يا رسول الله إنّ دوساً قد عصت وأبت، فادع الله عليها، فظن الناس أنه يدعو عليهم، فقال صلّى الله عليه وسلّم: (اللهم اهد دوساً وائت بهم).
وعن جابر رضي الله عنه أنّ الصحابة قالوا: يا رسول الله أحرقتنا نبال ثقيف، فادع الله عليهم، فقال: (اللهم اهد ثقيفاً).، فأسلموا وقدموا المدينة.