وها هو علي رضي الله عنه يأمر عماله بالعدل التام مع غير المسلمين، حيث كتب إلى عماله على الخراج "إذا قدمت عليهم فلا تبيعنّ لهم كسوة شتاءً ولا صيفًا، ولا رزقًا يأكلونه، ولا دابة يعملوا عليها ولا تضربنّ أحدًا منهم سوطًا واحدًا في درهم، ولا تقمه على رجله في طلب درهم، ولا تبع لأحد منهم عرضا في شيء من الخراج، فإنا إنما أمرنا أن نأخذ منهم العفو، فإن أنت خالفت ما أمرتك به، يأخذك الله به دوني، وإن بلغني عنك خلاف ذلك عزلت".

وهذه الوثيقة العمرية حيث أعطى عمر بن الخطاب أهل إيلياء أماناً على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم، وأنهم لا يظلمون بسبب نصرانيتهم ولا يضار أحد منهم ".

الثالث: يجوز الحديث مع الكفار والتحدث إليهم في الأمور المباحة والتعامل معهم في البيع والشراء والتأجير ونحو ذلك، فقد صح عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه اشترى من الكفار عُبَاد الأوثان، واشترى من اليهود، وهذه معاملة، وقد توفي –صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام لأهله. قالت عائشة –رضي الله عنها-:"اشترى النبي –صلى الله عليه وسلم- طعاماً من يهودي إلى أجل ورهنه درعاً من حديد". رواه البخاري ومسلم. وقد كان –صلى الله عليه وسلم- يتعامل في أمور التجارة مع الكفار، وعامل أهل خيبر في المساقاة، كما روى البخاري أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أعطى خيبر لليهود على أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها" رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما-. قال ابن القيم –رحمه الله-: (ثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه اشترى من يهودي سلعة إلى الميسرة، وثبت عنه أنه أخذ من يهودي ثلاثين وسقاً من شعير ورهنه درعه، وفيه دليل على جواز معاملتهم، ورهنهم السلاح، وعلى الرهن في الحضر، وثبت عنه أنه زارعهم وساقاهم ... انتهى). وعن عبد الرحمن بن أبي بكر – رضي الله عنهما- قال: كنا مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ثم جاء رجل مشرك مشعانٌُ طويلٌُُ بغنم يسوقها فقال –صلى الله عليه وسلم-:"أبيعاً أم عطية؟ " أو قال: "أم هبة" قال: لا، بل بيع فاشترى منه شاةً. أخرجه البخاري ومسلم , وفي البخاري عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: استأجر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر رجلاً من بني الديل هادياً خِرِّيتاً وهو على دين كفار قريش .... الحديث.

الرابع: لا يجوز بدؤهم بالسلام لغير حاجة أو مصلحة شرعية راجحة وخاصةً إذا كان الكافر مُظهراً لعادات الكفر متلبساً بأفعال الكفار بين المسلمين، لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-:"لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام" رواه مسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه-. والنهي الوارد في الحديث هو إذا كان لغير سبب يدعوك إلى أن تبدأهم من قضاء ذمام أو حاجة تعرض لك قبلهم أو حق صحبة أو جوار أو سفر, وينبغي إذا سلم أحد الكفار أن يُقال له: وعليكم؛ وهذا عند الشك وعدم تحقيق السامع من نطق السلام أما إذا قال الكافر السلام عليكم فيُقال له من باب العدل وعليكم السلام, قال – صلى الله عليه وسلم-:"إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم". متفق عليه عند البخاري، ومسلم، من حديث أنس رضي الله عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015