الأصل العام في معاملة الكفار إلا أنه يُستثنى من هذا الأصل مسائل؛ منها: أنه لا يجوز أن يبيع المسلم للكفار ما يستعينون به على قتال المسلمين.
الثانية: وسائل التعامل مع الكفار: شراء بضائع الكفار يتخذ في هذا العصر صوراً متعددة، وله وسائل لا بد من معرفتها ليتم الحكم عليها من خلالها, ولعله يمكن حصرها في الصور الآتية:
1 - الشراء المباشر من الكافر الذي يبيع أو يصنع أو ينتج السلعة، وهذا آكد ما يشمله حديثنا.
2 - الشراء من خلال وسيط (سمسار)؛ حيث يكون لديه علم بعدد من المصانع والشركات المنتجة، فيقوم بالتنسيق والتقريب بين المشتري وبين المنتج أو المصنع، ويتولى كتابة وثيقة البيع بين الطرفين، وكل ذلك مقابل نسبة يستلمها الوسيط من الشركة أو المصنع المصدّر.
وهنا تكون الأموال مدفوعة للبائع الأصلي فهو كالشراء المباشر في الاستفادة من الشراء والتضرر بالمقاطعة.
3 - الشراء من (وكيل بالعمولة) إذ يستورد البضائع باسمه ولحسابه هو، وتجري معاملاته باسمه أو بعنوان شركة ما، ثم ينقل الحقوق والالتزامات إلى موكله تنفيذاً لعقد الوكالة المبرم بينهما مقابل أجرة تسمى: (عمولة).
والفرق بينه وبين الذي قبله أن هذا يستورد البضائع ويبقيها لديه معروضة ليبيعها باسمه هو، ويتم التعاقد معه أو مع شركته، ثم بعد ذلك يسلم للمنتج أو المصنع قيمة المبيع ويطالبه بالالتزامات, أما الأول فإنه وسيط فقط يربط بين الطرفين، ثم تنتهي مهمته , وفي هذه الحالة تكون الأموال أيضاً مدفوعة للبائع الأصلي؛ فهو كالشراء المباشر في الاستفادة من الشراء والتضرر بالمقاطعة، إلا أن المقاطعة تضر بهذا الوكيل أيضاً لتحمله تخزين وعرض البضائع.
4 - شراء بضائع أصلها من صنع الكفار، وجرى تصنيعها داخل بلاد المسلمين على يد شركة مسلمة تأخذ امتياز تصنيعها من الشركة الأصلية مقابل مبلغ مالي يدفعه صاحب امتياز التصنيع للشركة الأصلية بشكل دوريّ , وهنا يستفيد أولاً من البيع: الشركة المسلمة وتتضرر هي أولاً من المقاطعة, أما الكافر فيكون ضرره غير مباشر من خلال ما قد يعرض لصاحب امتياز التصنيع من الاستغناء عن حق الامتياز المذكور فيتوقف عن مواصلة دفع ما يقابله.
5 - الشراء من مسلم اشترى بضائع صنعها الكفار أو أنتجوها؛ فهنا المتضرر من المقاطعة أولاً المسلم الذي اشترى البضاعة, مع أن المقاطعة تضر الكافر إذا امتنع التاجر المسلم من شراء منتجاته مرة أخرى لعدم رواجها.
الثالثة: أنواع بضائع الكفار: البضائع عموماً سواء باعها كفار أو مسلمون، إما أن تكون ضرورية أو حاجيّة أو تحسينية.
ولا شك أن بينها فرقاً كبيراً؛ فالشرع جاء بالتفريق بين الضروري وغيره، وأباح المحرم عند الاضطرار, ومعلوم أن الحاجة تنزل منزلة الضرورة إذا كانت عامّة, وعليه فإننا لا بد أن نفرّق بين بضاعة ضروريّة لا غنى عنها كالدقيق مثلاًً، أو حاجيّة عامة كبعض المراكب وبين التحسينيات من أنواع الألبسة والكماليات ونحوها.