وذلك لأن المطعم بن عدي، كان من أشراف قريش، وكان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يد، فقد كان أجاره حين رجع من الطائف، على إثر ذهابه لدعوة ثقيف .. وكان أيضا أحد الذين قاموا في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم .. وكانت وفاته قبل بدر بنحو سبعة أشهر.

فقول الرسول صلى الله عليه وسلم هذا، نوع من المكافأة لمطعم والشكر لإحسانه، خصوصا وأنه قد قاله لابنه قبل إسلامه أيضا،،وقد كان حضر للشفاعة في أسارى بدر .. وقد رثى حسان بن ثابت المطعم بن عدي لمَا توفي.

وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول وذكر حديث المطعم، ثم قال: (كان صلى الله عليه وسلم يكافئ المحسن إليه بإحسانه وإن كان كافرا) أهـ.

ومن الموجبات الشرعية كذلك أن يكون مدحهم على سبيل تطييب قلوب المؤلفة قلوبهم وتأليفهم على الإسلام ومنه ما رواه البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابنه حاتم الطائي لما سألته أن يخلي سبيلها وعددت بعض سجايا أبيها: ( .. خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله تعالى يحب مكارم الأخلاق .. ).

حكم مشاركة الكافر في التجارة:

مشاركة الكافر في التجارة جائزة مع الكراهة بشرط أن تكون إدارة الشركة بيد المسلم أو بيد الكافر ولكن يلتزم بحدود الشرع وإن كان الأولى للمسلم أن يختار لنفسه شريكاً مسلماً عدلاً أميناً، لتكون تجارتهما مباركة ورابحة بعون الله وتوفيقه، فقد روى أبو داود والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما".

قال الشوكاني: المراد أن الله جل جلاله يضع البركة للشريكين في مالهما مع عدم الخيانة، ويمدهما بالرعاية والمعونة، ويتولى الحفظ لمالهما. ا. هـ

فإذا خان أحدهما صاحبه نزعت البركة، والكافر والفاسق لا تؤمن خيانتهما وبغيهما خصوصاً في الجوانب المالية، ولذلك قال الله تعالى: (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ) [صّ:24].

ولذا كره الفقهاء مشاركة الكافر ومن لا يتحاشى التعامل بالحرام من المسلمين.

محل مشروعية إظهار العداوة والبغضاء والهجر للكفار المسالمين:

محل إظهار العداوة والبغضاء للكفار هو المصلحة سواءً كانت لمصلحة المُبغض الهاجر أو لمصلحة المبغوض المهجور ثم إن تحصيل هذه المصلحة تتفاوت فقد تكون واجبة أحياناً وقد تكون مستحبة , وأما دعوى إظهار البغض للكافر مطلقاً فغير صحيحة، وذلك لأنهم أنواع أولهم من لم تقم عليه الحجة، فهذا لا يُشرع إظهار البغض له، وقيل وإن كان مرجوحاً لا يُشرع بغضه ولكن يكفي ما جاء في صحيح مسلم (إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب (لإثبات مشروعية بغضه , وإن اختلفنا في الوجوب من عدمه فالله أبغض الكافرين الذين هم أهل فترة من الرسل قبل بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم لمجرد كفرهم وشركهم بالله , وبغض الله لهم لا يعني أنهم معذبون قبل الحجة.

النوع الثاني من أقيمت عليه الحجة، ولم يبدر منه عداء للإسلام ولا محادة لله ورسوله، فهذا يُشرع بغضه في الله ولكن لا يلزم إظهار البغض له بل ذلك منوط بالمصلحة.

النوع الثالث أقيمت عليه الحجة، وبدر منه عداء للإسلام وأهله ومحادة لله ورسوله، فهذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015