حكم مصافاة الكافر المسالم وصداقته وموالاته ومباطنته ومباسطته

ما بين التشبه والولاء من علاقة:

المشابهة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي، والمحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وجنس مخالفة الكفار وترك مشابهتهم أمر مشروع، والمشابهة في الظاهر ذريعة إلى الموافقة في القصد والعمل، ومن الحِكم في مخالفة الكفار فيما هو من خصائصهم: أن المخالفة في الظاهر توجب المباينة منهم في الباطن، وأن المشاركة في الهدي الظاهر توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهراً بين المهديين المرضيين وبين المغضوب عليهم والضالين.

حكم مصافاة الكافر المسالم للدين وأهله وصداقته وموالاته ومباطنته ومباسطته:

يحرم اتخاذ المسلم بطانة من غير المسلمين ويحرم اتخاذهم أولياء وتحرم موادتهم ومحبتهم شرعاً , إذ ليس كل أحد يُجعل بطانة والبطانة هم الدخلاء الذين يستبطنون أمره وينبسط إليهم المرء, يُقال فلان بطانة لفلان أي مُداخل له مؤانس وهذا الحكم في حق عموم الكفار.

وهنا تنبيه مهم وهو أن المصاحبة للكافر بالمعروف لمن له حق في الصحبة كالرحم الكافرة والجار في الدار أو العمل مشروعة بل قد تكون واجبة أحياناً كما في الوالدين المشركين وهذه المصاحبة لا تدخل في المنهي عنه وفرقٌ بين أن أصاحب الكافر بالمعروف وبين أن أتخذه خليلاً وسر الفرق بينهما أن الخليل مشتق من الخلة وهي المودة والمحبة التي تخللت القلب فصارت خلاله أي في باطنه، والصاحب مشتق من الصحبة وهي المصاحبة في شيء والمعاشرة، يُقال صحبه وصاحبه أي عاشره والصاحب المعاشر، كذا في اللسان والنهاية، وقد دلت نصوص الوحي على أن الخليل أعمق صداقة وعلاقة بخليله من الصاحب فكل خليل لا بد أن يكون محبوباً وأما الصاحب فقد يكون محبوباً وقد لا يكون.

وعلى هذا فالواجب على المؤمن ألا يتخذ الكفار أولياء وأن يعتمد على الله في تنفيذ شرعه وأن لا تأخذه فيه لومة لائم وأن لا يخاف من تطبيق شرعه لكن في الوقت ذاته يجوز التعامل مع غير المسلمين والإنصاف لهم والعدل معهم والإحسان إليهم والبر بهم وللتوفيق بين ذلك قال العلماء إن المحرم المنهي عنه هو الحب القلبي والمودة للإعجاب بما عندهم من عقائد وتشريعات وكذلك الموالاة والنصرة والثقة بهم والاطمئنان الكامل للتعامل معهم وأما التعامل الظاهري الخالي من الإعجاب والموالاة فلا بأس.

حكم تزويج المرأة المسلمة بالرجل الكافر:

حكم زواج المرأة المسلمة بالرجل الكافر محرم وقد حال الإسلام بين المرأة المسلمة وبين زواجها من غير المسلم، نظرًا إلى أن المرأة في غالب أحوالها ضعيفة الإرادة أمام زوجها، فيُخشى عليها أن تطيعه في معصية الله أو أن توافقه في الردة عن دين الله، أو أن تواليه على ما يُغضب الله، فلذلك منع الإسلام زواج المسلمة بغير المسلم، وأباح زواج المسلم بالكتابية على قول من قال بذلك مع بعض الشروط ومن قبيل زواج المسلمة بالكافر ما يقع فيه بعض المسلمين في العصر الحاضر حين يزوجون نساءهم لأشخاص يعتنقون مبادئ وينتمون إلى أحزاب خارجة عن الإسلام، توجب كفر من ينتمي إليها أو يعتقد اعتقاداتها كحال الذين يعتنقون الشيوعية أو ينتمون إلى أحزابها أو يوالونها على كفرها ومثل ذلك من ينتمي إلى حزب البعث أو الأحزاب الاشتراكية، فهؤلاء لا يجوز نكاحهم للنساء المسلمات ابتداء لأنهم غير مسلمين، كما لا يجوز بقاء النساء المسلمات في عصمتهم بعد اعتناقهم لتلك المبادئ الكافرة التي توجب كفر من يعتقدها أو يتبعها أو يدعو إليها، لأن كل من خرج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015