وقال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لا تدخلون الجنّةَ حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، أولا أدلّكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلامَ بينكم» (?) .
وأمّا في البراء، فيقول صلى الله عليه وسلم، «في حديث جرير بن عبد الله البجلي، عندما جاء ليبايعه على الإسلام، فقال جريرٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، اشْترطْ عليَّ، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أُبَايِعُك على أن تعبد الله ولا تُشْرِكَ به شيئاً، وتُقيمَ الصلاة، وتؤتيَ الزكاة، وتنصحَ المسلم، وتفارقَ المشرك [وفي رواية: وتبرأ من الكافر] )) » (?) .
الاستدلال للولاء والبراء بالإجماع لا شك أنّ أمراً هذا هو ظهوره في أدلّة الكتاب والسنّة، اجتمع فيه أن يكون حُكماً مقطوعاً به، لكونه قطعيَّ الثبوت والدِّلالة، مع تضافر الأدلّة وتواردها عليه أنه سيكون من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة. ولذلك فإننا لا نحتاج في مثله إلى نصٍّ من عالم على الإجماع فيه، بل يكفي أن نستحضر أدلّته وحقيقته وعلاقتَه بأصل الإيمان، لنوقن أن الولاء والبراءَ محلُّ إجماعٍ حقيقيٍّ بين الأُمّة.
ومع ذلك فقد نُقِل الإجماعُ في ذلك:
فقد قال ابن حَزْم (ت456هـ) في (المُحَلّى) : ((وصَحَّ أن قول الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51] (إنما هو ظاهره، بأنه كافر من جملة الكفار فقط، وهذا حقٌّ، لا يختلف فيه اثنان من المسلمين)) (?) .