العلة إحدى المذكورات، ولولا الإجماع على هذا لوجب جعل كل واحدة منها جزء علة، ومنع المصير إلى الترجيح، لأن المفروض أنهم يرون صلاحية كل للعلية، ولا دليل على إلغاء واحدة منها، فوجب اعتبارها جميعاً، وذلك قول بالجزئية، ليكون الكل داخلاً في العلية، لا سيما عند عدم ظهور وجه الترجيح1.

الرابع: أن تعليل الحكم بعلتين يفضي إلى نقض العلة، وهو قادح في العلة، بيان ذلك أنه إذا وجدت إحداهما ترتب عليها الحكم، فإذا وجدت الأخرى بعد ذلك لم يترتب عليها شيء، فقد وجدت العلة الثانية من غير أن يترتب عليها حكمها، لتقدم ترتبه على الأخرى، فيلزم وجود العلة بدون وجود مقتضاها، وهو نقض للعلة2.

وأجيب عنه: بأن النقض لقيام المانع لا يقدح في العلة، هذا إذا كانتا منصوصتين، أما إذا كانتا مستنبطتين، فلا سبيل إلى التعليل بهما، لأن الشرع إذا ورد بحكم مع أوصاف مناسبة، وجب اعتبار كل واحد منها جزء علة لا علة مستقلة، لأن الأصل عدم الاستقلال حتى يرد من الشرع ما يدل على استقلال واحد منها، فيستقل3.

أدلة المذهب الثاني:

واستدل أهل المذهب الثاني القائلون بالجواز مطلقاً بما يأتي:

الأول: أنه لو لم يجز، لم يقع ضرورة، وقد وقع، فإن البول واللمس والمذي والرعاف والغائط أمور مختلفة الحقيقة، وهي علل مستنبطة للحدث، وكل واحدة منها توجب الحدث، وإيجاب الحدث بكل واحدة منها بانفرادها دليل الاستقلال،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015