الثاني: قالوا: جواز تعدد العلل يجيز اجتماع المثلين، لجواز اجتماعهما في محل واحد، وكل منهما يوجب ما يوجبه الآخر، فموجباهما مثلان، وقد اجتمعا في محل واحد، واجتماع المثلين يوجب اجتماع النقيضين؛ لأن المحل يستغني في ثبوت حكمهما له بكل واحد منهما عن الآخر، فيكون مستغنياً عن كل واحد منهما غير مستغن عنهما كعلمين لمعلوم واحد في محل ثبت له حكم العلم، وهو العالمية، والحال أنه حكم واحد لا تعدد فيه، فيكون في العالمية يحتاج إلى كل من العلمين، مستغنياً عنه بالآخر، فهذا لازمه مطلقاً.

قالوا: وإذا فرض الترتيب بحصول أحدهما بعد الآخر، لزم تحصيل الحاصل أيضاً1.

وأجيب عنه: بأنه إنما يلزم ذلك لو كانت العلة المستقلة عقلية، لأنها هي التي تفيد وجود أمر، وأما العلة الشرعية المفيدة للعلم بالوجود، فلا يلزم التناقض في تعددها واجتماعها، لأنها بمعنى الدليل، واجتماع أدلة على مدلول واحد جائز2.

وقد يجاب عنه أيضاً بما سبق من أنه في حالة الاجتماع يكون كل جزء علة، والعلة المجموع، وعلى تقدير الاستقلال قد يتخلف عنه المعلول لمانع هو الحصول بعلة أخرى3.

الثالث: اشتغال الأئمة بالترجيح في علل الربا أهي: الطعم، أو الكيل، أو القوت، يدل على استقلال كل بالعلية؛ إذ لو جاز تعدد العلل لقالوا به، ولم يشتغلوا بالترجيح لتعيين واحدة منها، ونفي ما سواها4.

وأجيب عنه: بأن تعلق الأمة بها لم يكن للترجيح، وإنما كان لتعيين ما يصلح علة مستقلة، وإبطال التعليل بما سواها، وعلى فرض التسليم، فالإجماع على أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015