الثانية: إذا كانت العلة قاصرة، وقدر وصف آخر متعد، امتنع القياس على محلها، لمعارضة المتعدي لها، فيتوقف عن القياس، لأجل تلك المعارضة، إذ يجوز أن تكون العلة مركبة من الوصفين، وحينئذ فلا تعدية؛ لأن المركب من متعد وغير متعد، غير متعد، إذ لا يوجد في الفرع إلا بعض العلة الذي هو جزؤها المتعدي، والعلة يشترط وجودها في الفرع بتمامها.

فإن قيل: يجوز أن يكون كل من الوصف القاصر والمتعدي علة مستقلة، أجيب بأنه تسقط العلية للاحتمال.

فإن قيل: التعدية كافية في ترجيح استقلال المتعدي على كونه جزءاً1.

أجيب بأنه هنا معارض بمرجح آخر لكونه جزءاً، وذلك المرجح هو أن احتمال اجتماع علتين خلاف الغالب، وموافقة الغالب من المرجحات، فيتعارض الترجيح بالترجيح، فيلزم التوقف عن القياس، كما في تعليل طهورية الماء بالرقة واللطافة، ولا يوجد ما يماثل الماء فيها حتى يتعدى ذلك الوصف إليه، فهذه علة قاصرة على الماء، فلو عللها مستدل آخر بالإزالة لكل ما يتقذر، وهذا الوصف متعد لغير الماء من المائعات، فإنه لا يجوز الإلحاق بهذا الوصف المتعدي، لاحتمال عدم استقلاله بالعلة، إذ يحتمل أن تكون العلة مركبة منه ومن الوصف القاصر، كما تقدم2.

الثالثة: أنها تفيد العلم أو الظن بما كان مجهولاً، والعلم بالمجهول هو غاية النفوس ومحبوب القلوب، ولا يمتنع أيضاً أن تكون فيه مصلحة أخرى3.

الرابعة: أنها تقوي النص الدال عل معلولها، لأن التعليل كنص آخر، فإذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015