والدور المحال إنما هو دور التقدم، وهو ما يلزم منه اجتماع النقيضين بتقدم شيء على نفسه، وتأخره عن نفسه1.

الثالث: أن الوصف القاصر قد يدور مع الحكم وجوداً وعدماً، والدوران دليل العلية، فيكون الوصف القاصر علة2.

أدلة المذهب الثاني:

واستدل أهل المذهب الثاني القائلون بعدم جواز التعليل بها بما يأتي:

الأول: أنه لا فائدة في التعليل بالعلة القاصرة، لأن فائدة العلة منحصرة في إثبات الحكم بها، وإثبات الحكم بها منتف، لأن الحكم في الأصل ثابت بالنص أو الإجماع، وأما في الفرع، فلأن المفروض أنها قاصرة، وإثبات ما لا فائدة فيه لا يصح شرعاً ولا عقلاً3، نوقش هذا الدليل بأمرين:

الأول: النقض بالعلة القاصرة إذا ثبتت بنص أو إجماع، فإن هذا الدليل بعينه يجري فيها، مع جواز التعليل بها اتفاقاً4.

الأمر الثاني: أنه وإن سلم امتناع إثبات الحكم بالعلة القاصرة، لكونه ثابتاً بالنص أو الإجماع، وأن فائدة العلة إنما هي إثبات الحكم بها، لكن لا يسلم انحصار فائدتها في ذلك، بل لها فوائد أخرى هي:

الأولى: معرفة كونها باعثة على الحكم بما اشتملت عليه من المناسبة، فإن الحكم إذا عرفت حكمته كان أقرب إلى القبول والإذعان، مما لم تظهر مناسبته، وكان أبعد من التعبد المحض، وإذا كان كذلك كان أفضى إلى تحصيل مقصود الشارع من شرع الحكم، فكان التعليل بها مفيداً5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015