وما استدلوا به من أنه لو كانت الإعدام يعلل بها لوجب على المجتهد سبرها، كما هو الشأن في الأوصاف الصالحة للعلية، فقد أجيب عنه بأن ذلك إنما سقط عنه لعدم قدرته عليها، لأنها غير متناهية.

وما ادعوه من عدم المناسبة في العدم، فقد أجيب عنه بأنه ثبت أن في ترتب القتل على عدم الإسلام تحقيق المصلحة التي هي التزام الإسلام خوفاً من القتل.

مع أن ما ذكروه من الاتفاق على تعليل العدمي بالعدمي يقتضي تعليل الوجودي بالعدمي من باب أولى، لأن الخفاء الذي به منع من منع تعليل الوجودي بالعدمي أشد فيما كان طرفاه عدميين منه فيما كان طرفه وجودياً، والآخر عدمياً.

ولما كان يرد على الحنفية إنهم عللوا كثيراً من الأحكام بالعدم كما في المثال السابق، أجابوا عنه بأنه المناسب في المثال المذكور الكفر، وهو اعتقاد قائم بذات الكافر وجودي ضد الإسلام، ويستلزم الكفر عدم الإسلام كما هو شأن الضدين في استلزام كل عدم الآخر، فإضافة القتل في المثال إلى عدم الإسلام - حيث قيل: يقتل لعدم إسلامه - إنما تكون لفظاً أي بحسب الظاهر، وفي المعنى والحقيقة إلى أمر وجودي وهو الكفر في المثال، غير أنه تجوز بالإضافة إلى لازمه.

قالوا: ويضطرد تعليل العدم بالعدم في عدم علة ثبت اتحادها بمعنى ليس لحكمها علة غيرها لعدم حكمها1.

غير أن ما أجابوا به عما أورد عليهم في تعليلهم كثيراً من الأحكام بالعدم عدولاً منهم عن الحقيقة إلى الأخذ بظاهر اللفظ والتجوز، فإن ذلك إنما يسوغ عند تعذر الحقيقة، وهي هنا غير متعذرة، إذ لا محذور شرعاً في تعليل قتل المرتد لعدم إسلامه، وقد تقدم أن في ترتب قتله على عدم الإسلام إبقاء لمصلحة الإسلام خوفاً من القتل، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015