وإن أردتم أن هناك أمراً آخر وجودياً هو المناسب، نختار أن ذلك الأمر الذي يضاف إليه العدم، وليس منافياً له، بل يجامعه، ولا يلزم ما ذكرتم من أن وجود ذلك الأمر، أعني الإسلام وعدمه سواء في تحصيل المصلحة، بل عدم الإسلام أعني ترتب القتل على عدم الإسلام يستلزم المصلحة، التي هي التزام الإسلام، ووجود الإسلام أعني القتل مع الإسلام لا يستلزمها، كما أنه لا ينافيها"1.

كما يجاب عن أدلة المانعين أيضاً بأنه إن صح ما ذكر من منع تعليل الوجودي بالعدمي، لزم أن لا يصح تعليل العدمي بالعدمي أيضاً، بعين ما ذكر، مع أنهم متفقون على تعليل العدمي بالعدمي2.

لكن يرد على ما ذكر من اتفاق الأصوليين على تعليل العدمي بالعدمي، ما صرح به صاحب التحرير وشارحاه، فإنهم بعد أن ذكروا محل الخلاف والوفاق قالوا: إن الحنفية يمنعون التعليل بالعدم مطلقاً، أي المطلق والمضاف، أن يكون علة لوجودي أو عدمي، والدليل المذكور للنافين تعليل الوجودي بالعدمي خاصة يصلح للحنفية النافين له مطلقاً، لأن الدليل المذكور يبطل كون العدمي علة لوجودي أو عدمي، لانتفاء المناسبة ومظنتها فيه، كيف لا وهو ليس بشيء؟ فلا يصلح حجة لإثبات الأحكام، وعدم الحكم لا يحتاج إلى علة، لأنه ثابت بالعدم الأصلي، فلا يصلح العدم علة للعدم، ولا للوجود3.

غير أن أدلة المانعين تعليل الوجودي بالعدمي قد تقدمت الإجابة عنها بما ملخصه أن ما ادعوه من عدم التمييز في الإعدام غير مسلم؛ لأن العدم الذي يقع التعليل به لا بد أن يكون عدم شيء بعينه، فهو عدم متميز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015