فالذي أراه أنه لا يصح ترتيب الحكم على المصلحة المعارضة بمفسدة راجحة، أو مساوية لها، سواء كان ذلك على رأي من قال ببطلانها، أو على رأي من قال بتخلف الحكم لوجود مانع، لأن هذا هو عين الحكمة، لما تقدم من الأدلة على ذلك، ولأن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، أما إذا كانت المصلحة راجحة والمفسدة مرجوحة، فإنها لا توجب بطلان المناسبة، ولا تمنع ترتيب الحكم عليها اتفاقاً، إذ ليس من الحكمة إهدار الخير الكثير لدفع الشر اليسير كما في تفويت النفس بمشروعية الجهاد، لأن مفسدة موت بعض المجاهدين مفسدة غير أن مصلحة حفظ الإسلام، وإعلاء شأنه مصلحة عظمى أرجح من مفسدة إهلاك بعض المجاهدين1، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015