النص أصل ذلك الحكم، فكان النص أصلاً لأصل الحكم المطلوب، وأصل الأصل أصل، فيجوز تسمية ذلك النص بالأصل على ما هو في قول المتكلمين"1.
وأما الإمام فوجه مذهبه "بأنا ما لم نعلم ثبوت الحكم في محل الوفاق، لا نطلب علته، وقد نعلم ذلك الحكم، ولا نطلب علته أصلاً، فلما توقف إثبات علة الحكم في محل الوفاق على إثبات ذلك الحكم، ولم يتوقف إثبات ذلك الحكم على إثبات علته، فلا جرم كانت العلة فرعاً على الحكم في محل الوفاق، والحكم أصلاً فيه.
وأما في محل الخلاف فما لم نعلم حصول العلة فيه، لا يمكننا إثبات الحكم فيه قياساً، ولا ينعكس، فلا جرم كانت العلة أصلاً في محل الخلاف، والحكم فرعاً فيه"2.
وصحح ابن الحاجب وجه كون العلة أصلاً في محل الخلاف، وتبعه العضد، وقال السعد: "لأن في ذلك حقيقة الابتناء، وفيما عداه لا بد من تجوز، وملاحظة واسطة تظهر بالتأمل"3.
الموازنة:
يتضح مما تقدم أن جميع تلك الأقوال لا تخرج عما في اللغة من أن الأصل ما يبنى عليه غيره، والفرع ما يبنى على غيره.
ولذا قال الآمدي: "واعلم أن النزاع في هذه المسألة لفظي، وذلك أنه إذا كان معنى الأصل ما يبنى عليه غيره، فالحكم أمكن أن يكون أصلاً، لبناء الحكم في الفرع عليه ... وإذا كان الحكم في الخمر أصلاً، فالنص الذي به معرفة الحكم يكون أصلاً للأصل".