الثاني: ما عرف بنفسه من غير افتقار إلى غيره، وإن لم يبن عليه غيره، وذلك كما تقول في تحريم الربا في النقدين، فإنه أصل وإن لم يبن عليه غيره، وعلى هذا اختلف العلماء في الأصل في القياس1.

وجهة نظر أهل المذاهب:

أما الفقهاء فقالوا: إن الأصل هو المحل، لتعلق النص والحكم به ضرورة، وذلك أن الحكم صفة فلا بد لها من موصوف تقوم به.

والنص يثبت حكماً كذلك في محل، بينما المحل في غير حاجة إليهما، لجواز خلوه عن الحكم، وعن الدليل كما كان قبل البعثة، فكان الخمر خمراً.

وهذا الرأي نقله ابن الحاجب عن الأكثرين، وقال الآمدي: أنه الأشبه، لما ذكرت، وقال المحلي: إنه الأقرب2.

وبين الشربيني3 وجه القرب بقوله: "لأن القياس وقع بين الذاتين، وإن كان المقصود بيان الحكم"4، وجوز الإمام تسميته أصلاً لذلك5.

وأما المتكلمون فقال: إن الحكم الثابت في محل الوفاق مستفاد من النص المثبت له، فكان النص هو الأصل، لأن الحكم مستفاد منه.

ولذا قال الإمام: "ثبت أن الحكم الحاصل في محل الوفاق أصل، وثبت أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015