2 - توظيف الخراج:

ذهب المالكية إلى جواز فرض الضرائب على بعض الرعية عند حاجة الدولة إلى تكثير الجنود لسد الثغور وحماية الملك المتسع الأقطار عند عجز خزينة الدولة عن الوفاء بحاجة الجند، إذا أمن الإسراف، لكون الإمام عادلاً، فإن له أن يفرض على الأغنياء والغلات والثمار وغيرها ما يسد حاجة الجند، لصد الأعداء إلى أن يظهر للدولة مال يكفي.

فهذه مصلحة لم يشهد لها نص معين بالاعتبار، أو الإلغاء، غير أنها ملائمة لتصرفات الشارع، إذ لا تنتظم مصلحة الدين والدنيا، إلا بإمام. عادل مطاع يحمي حوزة الدين ومصالح الأمة، ولا يثبت له ذلك إلا بجنده وعدته.

ولذا لم يخل عصر من ذلك، إذ لو خلت الأمة عن إمام عادل وجند قادر على مجاهدة الكفار، وحماية الثغور، وكف الظلمة الطغاة المارقين والضرب على أيديهم عن السطو على الأنفس والأموال الحرم، لاختل الأمن وصارت ديار الإسلام عرضة لاستيلاء الكفار عيلها1.

"فإن قيل: هذه مصلحة غريبة لا عهد بها في الشرع ولا بمثلها وحاصلها يرجع إلى مصادرة الخلق في أموالهم، وهو محظور نعلم حظره من وضع الشرع، ولذا لم ينقل عن الخلفاء الراشدين قبل أن صارت الخلافة ملكاً عضوضاً، وإنما أبدعها الملوك المترفون المائلون عن سمت الشرع"2.

أجيب عنه بأمرين:

1 - إنه إنما لم ينقل ذلك عند صدر هذه الأمة، لاتساع بيت المال في زمانهم واشتماله على ما يسع الجند من الغنائم في ذلك الوقت3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015