الشيء بنجاسته مناسب حقيقي"، ثم قال: نعم مثال هذا استدلال الحنفية على قولهم إذا باع عبداً من عبدين أو ثلاثة يصح، والغرر القليل تدعو الحاجة إليه، فأشبه خيار الثلاث، فإن الرؤساء لا يحضرون السوق لاختيار المبيع، فيشتري الوكيل واحداً من ثلاثة، ويختار الموكل ما يريد.
فهذا وإن تخيلت مناسبته أولاً، فعند التأمل يظهر أنه غير مناسب، لأنا نقول: لا حاجة إلى ذلك، لأنه يمكنه أن يشتري ثلاثة في ثلاثة عقود، ويشترط الخيار، فيختار منها ما يريد" اهـ.
ثم اعترض المطيعي على هذا المثال "بأن الحنفية لا يقولون بالتعليل بالإخالة، ولو لم تكن اقناعية، وإنما يقبلون بما اتفق الكل على قبوله، وهو ما اعتبر الشارع نوع الوصف أو جنسه، في نوع الحكم أو جنسه، فكيف يعقل أنهم يقبلون التعليل بما يتخيل مناسبته فيما قاله التاج؟ رحمه الله تعالى، ونسبه للحنفية من تعليل الحكم الذي قالوه بهذه العلة غير صحيح، ولكن الحنفية يقولون: أي فرق بين أن يشتري العبيد الثلاثة بعقد واحد، أو يجعل المشتري لنفسه الخيار في ذلك، فيردها كلها، أو واحداً منها، وبين أن يشتريها بثلاثة عقود.
فشراؤه بعقد واحد مع الخيار للخيار للمشتري في كلها أو بعضها صحيح بلا شك، وكذلك شراؤها بعقود مع الخيار للمشتري في كلها أو بعضها صحيح أيضاًَ.
ولا يفرق بين هذا وهذا إلا بكون الأول عقداً واحداً، والثاني بعقود متعددة، وهذا الفرق لا يؤثر في العلة، ولا في الحكم بحال من الأحوال"1.
وذكر الغزالي أن "مثال هذه الاقناعات قد يوجد في الشرع معتبراً، ولكن يعتقد اعتباره إذا دل عليه مسلك نقلي، أما مجرد هذه لمناسبة فربما لا يجري على دعوى التعليل.