ويدل لتقارب المعنى أن الجلال المحلى عندما شرحها لم يضعف أي واحد منها، بل صرح - بعد أن ذكر منها: الملائم لأفعال العقلاء وما لو عرض على العقول لتلقته بالقبول - بأنهما متقاربان1.
وبيّن العبادي وجه التقارب بأمرين:
الأول: أنه يمكن أن يوجه التقارب باتحادهما ذاتاً، واختلافهما مفهوماً لأنه اعتبر في كل منهما ما لم يعتبر في الآخر.
الثاني: أن اقتصاره على تقارب هذين لعله لظهوره2، لأن الملائم للعقول تتلقاه بالقبول، كما أن العضد صرح بأن تعريف أبي زيد مقارب لتعريف ابن الحاجب3، وبين السعد وجه التقارب بأن "تلقى العقول بالقبول في قوة حصول ما يصلح مقصوداً للعقلاء من ترتيب الحكم عليه، إلا انه لم يصرح بالظهور والانضباط"4.
قال العبادي: "فثبت بذلك التقارب بين ما عدى الثاني".
"قال": ولا يخفى إمكان رد الثاني إليها أيضاً، لأن ما يجلب نفعاً أو يدفع ضرراً أي بالجعل عادة ملائم لأفعال العقلاء عادة، وتتلقاه العقول بالقبول ويحصل من ترتيب الحكم عليه ما يحصل أن يكون مقصوداً ... الخ.
ولا يرد أن هذا قول من يعلل أحكام الله تعالى بالمصالح كما نقله الشارح عن المحصول، لأن ذلك غير لازم.
فقد قال السيد الجرجاني: إذا ترتب على فعل أثر فمن حيث أنه ثمرته يسمى فائدة، ومن حيث أنه طرف للفعل يسمى غاية، ثم إن كان سبباً لإقدام الفاعل يسمى بالقياس إلى الفاعل غرضاً، وإن لم يكن فغاية فقط، وأفعال الله تعالى يترتب عليها حكم وفوائد لا تعد.