ويجاب عنه بأنه لا مانع من أن تكون ما في تعريف البيضاوي واقعة على وصف، والوصف يجلب المنفعة، ويدفع المضرة بواسطة ترتب الحكم عليه كما تقدم لا بذاته1.

"ولا شك أيضاً أن الأحكام الشرعية لا يصدق عليها أنها جالبة أو دافعة من حيث ترتيب الحكم عليها، بل من حيث ترتيبها هي على الأوصاف فلا يكون التعريف شاملاً لها، فاندفع الاعتراض ... فظهر بهذا أنه جامع مانع، وأنه يرجع في المعنى إلى التعريف الثاني من تعريفي الإمام "الذين نقلهما عنه الأسنوي"، لأن إسناد الجلب أو الدفع هنا إلى الوصف، لا ينافي إسناده إلى الحكم في تعريف الإمام، لما تقدم أن الجالب، أو الدافع في الحقيقة هو ترتيب الحكم على الوصف، لا نفس الوصف، فالمسند إليه متحد في المعنى فيهما، ولذا جعلهما الجلال المحلّي في شرح جمع الجوامع تعريفاً واحداً"2.

الموازنة بين التعريفات:

يفهم من شرح الجلال المحلى لجمع الجوامع أن هذه التعريفات متقاربة في المعنى، ولعل ذلك لكونها تصدق على شيء واحد، لأن ما يصدق عليه الملائم لأفعال العقلاء، يصدق عليه ما لو عرض على العقول لتلقته بالقبول كما يصدق عليه أنه يجلب للإنسان نفعاً أو يدفع عنه ضرراً بالجعل عادة، وكذلك يصدق عليه كونه يحصل عقلاً من ترتيب الحكم عليه ما يصلح أن يكون مقصوداً للشارع من حصول مصلحة أو دفع مفسدة.

لكن هذا بصرف النظر عن قيدي الظهور والانضباط، اللهم إلا أن يقال: إن هذين القيدين في الحقيقة من شروط ما يكون علة في ذاته كما تقدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015