البعض، أجيب عنه بما ذكره الإمام ونصه "ظاهره يدل على أن العلة هي الغضب، لكن لما علمنا أن الغضب اليسير الذي لا يمنع من استيفاء الفكر لا يمنع من القضاء، وأن الجوع المبرح والألم المبرح، يمنع علمنا أن علة المنع ليست الغضب بل تشويش الفكر.
وقول من يقول: الغضب هو العلة لكن لكونه مشوشاً خطأ، لأن الحكم لما دار مع تشويش الفكر وجوداً وعدماً وارتفع عن الغضب وجوداً وعدماً، وليس بين التشويش والغضب ملازمة أصلاً، لأن تشويش الفكر قد يوجد حيث لا غضب، والغضب يوجد حيث لا تشويش علمنا أنه ليس بينهما ملازمة، وحينئذ نعلم أنه لا يمكن أن يكون الغضب علة، بل العلة إنما هي التشويش فقط1.
هل تشترط المناسبة في الوصف المومئ إليه، أم لا تشترط؟
للأصوليين في ذلك ثلاثة أقوال:
الأول: أنها تشترط واستدلوا "بأن الغالب في تصرفات الشارع أن تكون على وفق تصرفات العقلاء، وأهل العرف، ولو قال الواحد من أهل العرف لغيره "أكرم الجاهل، وأهن العالم" قضى كل عاقل أنه لم يأمر بإكرام الجهل لجهله، ولا أن أمره بإهانة العالم لعلمه، وأن ذلك لا يصلح للتعليل، نظراً إلى أن تصرفات العقلاء لا تتعدى مسالك الحكمة وقضايا العقل.
وأيضاً فإن الاتفاق من الفقهاء على امتناع خلو الأحكام الشرعية من الحكمة، إما بطريق الوجوب على رأي المعتزلة، وإما بحكم الاتفاق على رأي أصحابنا، وسواء ظهرت الحكمة أم لم تظهر.
وما يعلم قطعاً أنه لا مناسبة فيه ولا أوهم المناسبة يعلم امتناع التعليل به"2.