كل سنة أتت عليهم باسم حادثة وقعت فيها: كسنة القدوم، وسنة الإذن وسنة الأمر، وسنة الابتلاء، واستمر الأمر على هذا المنوال في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي خلافة الصديق رضي الله تعالى عنه، حتى كانت خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فيقال: إن أبا موسى الأشعري كتب إليه: إنه يأتينا من أمير المؤمنين كتب لا ندري بأيها نعمل؟ وقد قرأنا صكًا مجلة شعبان، فلم ندر أي الشعبانين: الماضي أم الآتي؟ ويقال: إن أمير المؤمنين عمر رفع إليه صك مجلة شعبان فقال: أي شعبان هو؟ ثم قال: إن الأموال كثرت فينا، وما قسمناه غير مؤقت، فكيف التوصل إلى ضبطه؟ واتفق أن قدم رجل من اليمن فقال للفاروق عمر: رأيت باليمن شيئًا يسمونه التاريخ يكتبونه من عام كذا، وشهر كذا، فقال عمر: إن هذا لحسن، فأرخوا فاجتمعوا وتشاوروا بمحضره، فقال قوم: نؤرخ بمولد النبي -صلى الله عليه وسلم، وقال قوم بالبعث، وقال قوم من حين خروجه من مكة إلى المدينة، وقال قوم بالوفاة1، فقال الفاروق: أرخوا من خروجه -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة وكان ذلك سنة سبع عشرة، ومن يومها وقد أصبحت الهجرة مبدأ للتاريخ الإسلامي ولأجل أن لا يكون هناك خلاف بين مبدأ التاريخ ومبدأ السنة القمرية تأخروا بتاريخ الهجرة إلى شهر المحرم، وكان هذا توفيقًا عظيمًا من الله تبارك وتعالى للمسلمين وعلى هذا فلا يجوز للمسلمين -ولا سيما العرب- استبدال التاريخ الميلادي، أو التاريخ الشمسي بالتاريخ الهجري أو تقديم التاريخ الميلادي أو الشمسي عند الكتابة على التاريخ الهجري ولا سيما وقد أصبح التاريخ الهجري مما يميز المسلمين عن غيرهم، وفي صحيح البخاري عن سهل بن سعد "ما عدوا من مبعث