"السابق واللاحق":

وهو معرفة من اشترك في الرواية عنه اثنان تباعد ما بين وفايتهما، وهذا إنما يقع عند رواية الأكابر عن الأصاغر, ثم يروي عن المروي عنه متأخر.

وقد ألف الخطيب البغدادي فيه كتابا حسنا سماه: "السابق واللاحق" وهذا النوع من أنواع علوم الحديث فيه طرافة.

ومن فوائده: حلاوة علو الإسناد في القلوب، وعلوم الإسناد من مطلوبات أئمة الحديث وحفاظه وأن لا يظن سقوط شيء من الإسناد.

"أمثلته":

1- ومن أمثلته الإمام محمد بن إسحاق السراج، روى عنه البخاري في "تاريخه" وأبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف النيسابوري، وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر، لأن البخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين، والخفاف توفي سنة ثلاث، وقيل: أربع، وقيل: خمس وتسعين وثلاثمائة.

2- ومن أمثلته الزهري، وزكريا بن دويد1، فإنهما رويا عن الإمام مالك، وبينهما كذلك فإن الزهري مات سنة أربع وعشرين ومائة وزكريا حدث عن مالك سنة نيف2 وستين ومائتين، ولا يعرف وقت وفاته، فأقل ما يكون بينهما مائة وسبع وثلاثون سنة.

قال العراقي في "التقييد والإيضاح": "والتمثيل بزكريا سبق إليه الخطيب، ولا ينبغي أن يمثل به؛ لأنه أحد الكذابين الوضاعين، ولا يعرف سماعه من مالك، وإن كان حدث عنه، فقد زاد، وادعى أنه سمع من حميد الطويل وروى عنه نسخة موضوعة", فالصواب: أن آخر أصحاب مالك أحمد بن إسماعيل السهمي ومات سنة تسع وخمسين ومائتين، فبينه وبين الزهري مائة وخمس وثلاثون سنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015