بعض أدعياء العلم والأدب في كل ما قالوه، بل وأربي عليهم, وذلك كما صنع صاحب كتاب "أضواء على السنة المحمدية" وقد عقد في كتابه فصلا طويلا تحت عنوان "أبو هريرة" حشاه بكل حارجة من السباب والشتيمة، وتهجم فيه عليه وعلى بعض الصحابة ورماهم بالكذب والاختلاق، وردد في هذا مقالة النظام وغيره من الطاعنين, وتبعهم حذو النعل بالنعل، ولا تكاد تطلع على صفحة من هذا الفصل إلا وتجد فيها من الأخطاء العلمية، والإسفاف في التعبير ما نربأ بأي كاتب عنهما مما يدل على أنه دخل إلى هذا البحث, وهو متشبع بأهواء وأحقاد نفسية مما نأى به عن البحث المستقيم، والرأي الصواب.
وقواعد البحث النزيه تقتضي من الباحث إذا ما شرح في بحث أن يجمع مادته ونصوصه ثم يجرد نفسه من أي هوى أو رأي خاص، ثم يبحث ويمحض الروايات، ويوازن بين النصوص حتى يأتي حكمه أقرب إلى الحق والصواب، أما أن يأخذ ما يشاء بهواه، ويدع ما يشاء بهواه, فهذا ما لا تقره قواعد البحث العلمي الصحيح والنقد النزيه.
من هو أبو هريرة؟ هو عبد الرحمن بن صخر أو عبد الله على الأصح على كثرة ما اختلف في اسمه, واسم أبيه في الجاهلية والإسلام, وهو دوسي ودوس قبيلة من الأزد إحدى قبائل اليمن, وكان ذا شرف فيهم. قال ابن إسحاق: "كان وسيطا في دوس" ولم يختلف أحد أنه قدم على النبي مسلما عقب خيبر وكانت في المحرم سنة سبع فيكون صاحب النبي أربع سنين قضى منها فترة وجيزة مع الصحابي الجليل العلاء بن الحضرمي بالبحرين مؤذنا ومعلما كما روى ذلك ابن سعد في الطبقات فما يخلص له من زمن مصاحبته للنبي يزيد عن ثلاث سنوات, وهي ليست بالزمن القصير في عمر الصحبة، وليس ببدع في العقل, ولا في العادة أن يجمع شخص فيها من الأحاديث أكثرها مما يجمعه غيره, ولا سيما إذا كان له من التفرغ والإقبال على العلم وقوة الحافظة والذكاء، وطول العمر