قال: وفي المسألة تفصيل؛ فأما من رآه من الذين ماتوا منهم كإبراهيم، ويوسف، وموسى, وهارون، ويحيى, فلا شك أنهم لا يطلق عليهم اسم الصحبة لكون رؤيتهم له بعد الموت، وأيضا فمقاماتهم أجل وأعظم من رتبة أكبر الصحابة وأما من هو حي إلى الآن كعيسى عليه السلام, فإنه سينزل في آخر الزمان ويراه خلق كثير, فهل يوصف من رآه بأنه من التابعين لكونه رأى من رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- أو المراد من لقيه من أمته الذين أرسل إليهم حتى لا يدخل فيهم عيسى، والخضر، وإلياس على قول من يقول بحياتهما من الأئمة؟ هذا محل نظر ولم أر من تعرض لذلك من أهل الحديث، والظاهر أن من رآه منهم في الأرض وهو حي له حكم الصحبة فإن كان الخضر أو إلياس حيا أو كان قد رأى عيسى في الأرض فالظاهر إطلاق اسم الصحبة عليهم، فأما رؤية عيسى له في السماء, فقد يقال السماء ليست محلا للتكليف، ولا لثبوت الأحكام الجارية على المكلفين, فلا يثبت بذلك اسم الصحبة لمن رآه فيها، وقد ثبتت رؤيته لعيسى في الأرض كما في صحيح مسلم، والظاهر أنه رآه ببيت المقدس لما لقيه الأنبياء به واختلفوا به، وإذا كان كذلك فلا مانع من إطلاق الصحبة عليه؛ لأنه حين ينزل يكون مقتديا بشريعة نبينا -صلى الله عليه وسلم- لا بشريعته المتقدمة، روى أحمد في مسنده من حديث جابر مرفوعا: "لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني" 1.
"فائدة": هذا الذي ذكرناه من تعريف الصحابي على ما ذكره المحققون من المحدثين قد وافقهم عليه كثير من الأصوليين وهو الذي صححه الآمدي واختاره ابن الحاجب2, وإذا كنا رجحنا هذا التعريف فليس معنى هذا أن الصحابة جميعا سواء في المنزلة والرتبة وأن