وخمسين وألف، تخرج بأبيه وشقيقه السيد عبد الرحمن، وتوسع في الأخذ عن غيرهما، واستكثر من الشيوخ حضورا عليهم واستجازة منهم حتى بلغت مشيخته ثمانين1، وكانت وفاته سنة عشرين ومائة بعد الألف2، في صفر قافلا من الحج بمنزلة تسمى "ذات الحج" وبها دفن رحمه الله.

قال في مقدمته: "أما بعد: فإن أربح الأعمال أجرا، وأبقاها ذكرا، وأعظمها فخرا، وأضوعها في عالم الملكوت فنا ونشرا، كسب العلوم النافعة في الدنيا والآخرة لا سيما علوم الحديث المصطفوية، الكاشفة النقاب عن جمال وجوه مجملات آيات الكتاب، وإن من أجل أنواع علوم الحديث معرفة الأسباب، وقد ألف فيها أبو حفص العكبري كتابا وذكر الحافظ ابن حجر أنه وقف منه على انتخاب، ولما لم أظفر في عصرنا بمؤلف مفرد في هذا الباب غير أوائل تأليف شرع فيه الحافظ السيوطي ورتبه على الأبواب، فذكر فيه نحو مائة حديث، واخترمته المنية قبل إتمام الكتاب, سنح لي أن أجمع في ذلك كتابا تقر به عيون الطلاب، فرتبته على الحروف والسنن المعروف، وأضفت له تتمات تمس الحاجة إليها، وتحقيقات يعول عليها، وسميته "البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف" وجعلته خدمة لحضرة الحبيب الأكرم -صلى الله عليه وسلم، ووسيلة لشفاعته يوم الحسرة والندم ومن الله سبحانه أستمد العون والتوفيق"3, وقد طبع هذا الكتاب غير مرة4 وكنا نود لو أن السيوطي أكمل ما شرع فيه؛ لأنه -رحمه الله- إذا ألف استوعب كل ما قيل قبله، وأتى بخلاصته، وزاد عليه ما منَّ الله به عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015