تسلية وتعزية لآل البيت رضي الله عنهم، وذلك لما تلقاهم المسلمون حين قدموا المدينة بعد قتل الحسين رضي الله تعالى عنه، وكان فيمن تلقاهم المسور بن مخرمة، فحدث زين العابدين بن الحسين وأهل البيت رضي الله عنهم بهذا الحديث، وفيه التسلية عن هذا المصاب، وقد علم بما قرره أن من الأسباب ما يكون بعد عصر النبوة كما في أحاديث ذكروا أسباب ورودها عن الصحابة رضي الله عنهم، وقد نظر بعض المتأخرين في ذلك ولكن ذكرها أولى، لأن فيها بيان السبب في الجملة فإن الصحابة رضي الله عنهم حفظوا الأقوال، والأفعال، وحافظوا على الأطوار والحوال, فيكون السبب في الورود عنهم مبينا لما لم يعلم سببه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي أبواب الشريعة والقصص وغيرها أحاديث لها أسباب يطول شرحها, وما ذكرناه أنموذج لمن يرغب في سلوك هذه المسالك, ومدخل لمن يريد أن يصنف مبسوطا في ذلك1.
أقول: والحق أن سبب الورود إنما يراد به السبب الذي بسببه قال النبي -صلى الله عليه وسلم- الحديث، أما ذكر الصحابي للحديث فيما بعد ليستدل به في مناسبة من المناسبات, فإنه لا يسمى سبب ورود, وإنما يسمى: "سبب ذكر", فنقول مثلا: والسبب في ذكر الصحابي رضي الله عنه الحديث هو كذا.
فذكر الصحابي المسور بن مخرمة التابعي الجليل علي زين العابدين وآل البيت الكرام هذا الحديث؛ لتسليتهم وحملهم على الصبر والتحمل لا يعتبر سبب ورود أبدا، وإنما يعتبر سببا لذكره, وفرق بين الأمرين, فليتنبه إلى هذا التحقيق أهل الحديث وطلبته.