"وهذا المسلك هو الذي اختاره شيخ الإسلام" يعني بذلك الحافظ ابن حجر.
ثالثها: أن إثبات العدوى في الجذام ونحوه مخصوص من عموم نفي العدوى فيكون معنى قوله: "لا عدوى ... " , أي إلا من الجذام ونحوه، فكأنه قال: لا يعدي شيء شيئًا إلا فيما تقدم تبيين له أنه يعدي، قاله ناصر السنة وقامع البدعة القاضي أبو بكر الباقلاني.
رابعها: أن الأمر بالفرار رعاية لخاطر المجذوم؛ لأنه إذا رأى الصحيح تعظم مصيبته، وتزداد حسرته، ويؤيده حديث: "لا تديموا النظر إلى المجذومين"1, قال السيوطي في "التدريب" وفيه مسالك أخرى.
أقول: وقد تكفل ببيان كل ما قيل في هذه المسالك الإمام الحافظ ابن حجر في "الفتح"2, فقد أفاض في ذلك بما لا مزيد عليه فليرجع إليه من شاء.
الثاني من القسمين: أنه لا يمكن الجمع بين الحديثين ولا الأحاديث وهذا يدخل تحته نوعان:
الأول: أن يعرف المتقدم من المتأخر, فإن كان كذلك كان المتأخر ناسخًا للمتقدم, وقد ذكرت بعض أمثلته في علم الناسخ والمنسوخ.
الثاني: أن لا يعلم المتقدم من المتأخر فحينئذ نسلك مسلك الترجيح فنأخذ بالراجح وندع المرجوح.
والترجيح يكون بصفات الرواة أي كون رواة أحدهما أتقن وأحفظ ونحو ذلك مما سيذكر، وكثرتهم في أحد الحديثين دون الآخر.