ولذلك قال الحافظ الذهبي في "ميزان الاعتدال" في ترجمة أبان بن تغلب الكوفي1: "شيعي جلد، ولكنه صدوق فلنا صدقه، وعليه بدعته", ونقل توثيقه عن أحمد، وغيره.
وقال أبو داود السجستاني: ليس في أهل الأهواء أصح حديثًا من الخوارج: ولذلك احتج البخاري بعمران بن حطان، وهو من دعاة الشراة2 وخرج الشيخان لعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني3, وكان داعية إلى الإرجاء وقد وثقه ابن معين، وأحمد بن حنبل، وغيرهما ولم يحتج مسلم بعبد الحميد, بل أخرج له في المقدمة -يعني مقدمة صحيح مسلم، وقد ذكر العراقي في تعليقه على "علوم الحديث" لابن الصلاح نحو ذلك4, فإذا وجدنا بعض الأئمة الكبار من أمثال البخاري ومسلم لم يتقيد فيمن أخرج لهم في كتابه ببعض القواعد فذلك لاعتبارات ظهرت لهم ورجحت جانب الصدق على الكذب والبراءة على التهمة، وإذا تعارض كلام الناقد وكلام صاحبي الصحيحين فيمن أخرج لهم الشيخان من أهل البدع قدم كلامهم واعتبارهم للراوي على كلام غيرهم؛ لأنهما أعرف بالرجال من غيرهما، وليس ذلك تعصبًا لصاحبي الصحيحين -رحمهما الله- ولكنه الحق الذي ظهر بعد البحث والنظر والله أعلم.
"كلام حسن للإمام أبي عبد الله الذهبي في البدعة":
وللإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة ثمانٍ وأربعين وسبعمائة للهجرة في البدعة وانقسامها إلى صغرى وكبرى, كلام