ثم بين المثال بما هو موجود بالفعل في بعض كتب الحديث المعتمدة وذلك كالحديث الذي رواه الترمذي عن طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن ابن سرين، عن أبي هريرة، أراه رفعه "أحبب حبيبك هونا". الحديث, قال الترمذي: غريب، لا نعرفه بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه أي من وجه يثبت, وإلا فقد رواه الحسن بن دينار عن ابن سيرين والحسن متروك الحديث لا يصلح للمتابعات.
والمتابعة: أن يرويه عن أيوب غير حماد، وهذه المتابعة التامة، وهي التي تكون في أول السند أي من جهة الإمام الراوي فإن لم يروه عن أيوب غير حماد ولكن رواه عن ابن سيرين غير أيوب، أو عن أبي هريرة، غير ابن سيرين، أو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- صحابي غير أبي هريرة, فكل هذا يسمى متابعة ولكنها قاصرة؛ لأنها تقصر عن المتابعة الأولى بحسب بعدها منها، قال ابن الصلاح، وتسمى المتابعة شاهدا أيضا.
والشاهد: أن يروي حديث آخر بمعناه، ولا تسمى هذه متابعة.
وهذا الذي ذكرناه في تعريف المتابعة والشاهد هو ما ذكره الإمام الشيخ أبو عمرو بن الصلاح في "علوم الحديث" وتبعه النووي وغيره.
وبالتأمل فيه نرى أن ابن الصلاح خص المتابعة بما كان باللفظ سواء كان من رواية ذلك الصحابي أم لا، والشاهد: خصه بما كان بالمعنى سواء أكان عن ذلك الصحابي أم لا, وقيل: الشاهد أعم من أن يكون باللفظ أو بالمعنى.
وقد جاء الإمام الحافظ ابن حجر فخالف ابن الصلاح في هذا واعتبر المتابعة فيما إذا كانت عن ذلك الصحابي الذي روى الحديث المتابع -بفتح الباء الموحدة- سواء أكانت باللفظ أم بالمعنى، واعتبر الشاهد فيما إذا كان عن صحابي آخر سواء أكان باللفظ أم