وخالف ابن الصلاح الحافظ ابن حجر في النخبة وشرحها ففرق بين ما إذا روى عمن لقيه ما لم يسمعه منه, وما إذا عاصره, ولم يلقه فجعل الأول تدليسًا والثاني مرسلًا خفيًّا.

واستدل لما ذهب إليه بإطباق أهل العلم بالحديث على أن رواية المخضرمين1 كأبي عثمان النهدي، وقيس بن أبي حازم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قبيل الإرسال لا من قبيل التدليس، ولو كان مجرد المعاصرة يكتفى به في التدليس, لكان هؤلاء مدلسين؛ لأنهم عاصروا النبي -صلى الله عليه وسلم- قطعًا, ولكن لم يعرف: هل لقوه؟ أم لا؟ 2

وممن قال باشتراط اللقاء في التدليس أيضًا الإمام الشافعي وأبو بكر البزار، وكلام الخطيب في الكفاية يقتضيه، وهو المعتمد، ويعرف عدم الملاقاة بإخباره عن نفسه بذلك, أو جزم إمام مطلع بذلك، ولا يكفي أن يقع في بعض الطرق زيادة راوٍ أو أكثر بينهما، لاحتمال أن يكون من المزيد في متصل الأسانيد3.

مثاله: ما روي عن علي بن خشرم قال: كنا عند سفيان بن عيينة, فقال: قال الزهري كذا. فقيل له: حدثكم الزهري؟ فسكت، ثم قال: قال الزهري، فقيل له: سمعته من الزهري؟ فقال: لم أسمعه من الزهري, ولا ممن سمعه من الزهري, حدثني عبد الرزاق عن معمر عن الزهري.

"ذم هذا النوع": وقد كره هذا القسم من التدليس جماعة من العلماء، وذموه، وكان شعبة بن الحجاج أشد الناس إنكارا له, روى عنه الإمام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015