فذهب كثير من العلماء إلى أن لفظه ومعناه من الله تعالى وأنه أوحى به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بأي طريق من طرق الوحي وغالبا ما يكون بغير الوحي الجلي1 إما بمكالمة أو إلهام، أو قذف في القلب، أو في المنام، وعلى هذا يكون الفرق بينه وبين الحديث النبوي ظاهر ذلك أن هذا لفظه من النبي -صلى الله عليه وسلم- وذاك لفظه من عند الله تبارك وتعالى وعلى هذا أيضا يكون موافقا للقرآن الكريم من حيث كونه كل منهما نزل بلفظه على النبي -صلى الله عليه وسلم، وأن كلا منهما بوحي من الله تبارك وتعالى.
ويكون الفرق بينه وبين القرآن الكريم من هذه الوجوه:
1- أن القرآن الكريم كله موحى به عن طريق الوحي الجلي وهو جبريل عليه السلام وهذا أمر يكاد يكون مجمعا عليه بين العلماء ومن أراد يقينا في هذا فليرجع إلى كتابي "المدخل لدراسة القرآن"2 أما الأحاديث القدسية فهي موحى بها بطريق الوحي الغير الجلي ولم أقف على ما يدل على وقوع بعضه بوحي جلي وإن كان جائزا.
2- إن القرآن الكريم معجز بلفظه ومعناه، ولا كذلك الأحاديث القدسية وهذا أمر ظاهر لا يخفى على البلغاء، وعلى كل ذي ملكة في الأدب والبيان.
3- أن الصلاة لا تصح: إلا بالقرآن الكريم أما الحديث القدسي فلا تجوز به الصلاة.
4- أن القرآن الكريم متعبد بتلاوته ففي الحديث الذي رواه الترمذي مرفوعًا: "من قرأ حرفا 3 من القرآن فله بكل حرف عشر