وبالتالي لم يبق معنى الوسطيَّة مجرَّد التّجاور بين الشيئين فقط، بل أصبح ذا مدلول أعظم، ألا وهو البحث عن الحقيقة، وتحصيلها والاستفادة منها.
ثم يقول: وهو معنى يتَّسع ليشمل كل خصلة محمودة لها طرفان مذمومان، فإنَّ السّخاء وسط بين البخل والتّبذير، والشّجاعة وسط بين الجبن والتَّهوّر، والإنسان مأمور أن يتجنَّب كل وصف مذموم، وكلا الطرفين هنا وصف مذموم، ويبقى الخير والفضل للوسط.
ومن خلال ما سبق من الأمثلة، وما ذكرته من الأدَّلة من الكتاب والسنَّة، والكلام المأثور من لسان العرب وأقوال السّلف اتَّضح لنا ما بيّنته من التلازم بين الخيريَّة والبينيَّة - حسيَّة أو معنويّة - في إطلاق مصطلح (الوسطيَّة) .
ولهذا فعندما أستخدم هذا المصطلح في هذا البحث فإنَّني أعني به ما يصدق عليه هذا المدلول دون سواه.
وما عدا ذلك فلا يدخل في هذا البحث، وإن كان داخلا في معنى الوسط، كما سبق بيانه، فهو من الوسط لا الوسطيَّة.
وكذلك ما كان خيرًا أو فاضلا فلا يلزم أن يكون (وسطيًا) وإن كان محمودًا.
قال يوسف كمال: فهناك فضائل ليست وسطيَّة كالصدق الذي يقابله الكذب. (?) .