أمّا الحكمة: فإنَّه بالنّظر إلى قدرة النَّفس ومدى تحمّلها، وغفلة هؤلاء القوم عن قدرتهم في فورة الحماس والاندفاع، فجاء الرسول، صلى الله عليه وسلم يضع الأمور مواضعها، ويجعلها في مسارها الطّبيعي، فإنَّ أحبّ العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه (?) ولو التزم هؤلاء الرّجال بما قالوا لتعبوا عاجلا أو آجلا. ثمَّ إنَّ هذا الفعل نفسه مخالفة لصريح الحكمة وحقيقتها، وذلك أن الحكمة هي وضع الشيء في موضعه، والإصابة في القول والعمل، وهذا هو عين ما وجَّه إليه، صلى الله عليه وسلم.
ومن خلال هذا التّطبيق العمليّ لملامح الوسطيَّة في ضوء هذا الحديث، يتَّضح المراد، ممَّا يساعد على فهم الوسطيَّة، واستنباطها في المباحث التالية إن شاء الله.