وقال رشيد رضا: قال الأستاذ: إنَّ في لفظ الوسط إشعارًا بالسببيَّة، فكأنَّه دليل على نفسه، أي: أنَّ المسلمين خيار وعدول لأنَّهم وسط (?) .

وإذا كان الوسط شيء بين شيئين، فإنَّه يلزم لأن يكون وسطًا شرعيًا أن يكون عدلا، لأنَّه إذا لم يكن كذلك مال وانحرف إلى أحد الطّرفين، إمَّا إلى الإفراط، وإمَّا إلى التّفريط، وهذا خروج عن حقيقة العدل، ومن ثمَّ خروج عن الوسط، ولذلك جاءت صفة الحكمة ملمحًا من ملامح الوسطيَّة، وبيان هذا: أنَّ التوسّط هو توسّط معنوي، وتحديد هذا التوسّط يكون بمراعاة جميع الأطراف، تحقيقًا للمصالح، ودرءًا للمفاسد، وهذه هي الحكمة الشّرعيَّة. وبعبارة أخرى: فإنَّ الوسطيَّة أمر نسبي، يخضع تحديده لعوامل عدَّة لا بد من مراعاتها، ولا يتحقَّق ذلك إلا بإتقان الحكمة.

ومن أجل إلقاء مزيد من الضّوء على هذه الحقيقة أذكر بعض ما ورد في الحكمة من أقوال المفسّرين، وتعريفات العلماء (?) .

قال عبد الرحمن بن سعدي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015