العدل والحكمة
أمّا العدل فقد صحّ فيه الحديث عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم حيث فسَّر قوله- تعالى-: {أُمَّةً وَسَطًا} (البقرة: من الآية 143) بقوله: عدولا: وذلك في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري، حيث قال، صلى الله عليه وسلم «والوسط والعدل» (?) .
وفي رواية الطبري: قال: «أمَّة وسطًا» عدولا (?) .
وقد بيّنت أنَّ الوسطيَّة بينيَّة، ومن ثمَّ لا بد من العدل في اختيار هذا الأمر الذي بين أمرين أو عدَّة أمور.
قال القرطبي: والوسط: العدل، وأصل هذا أنَّ أحمد الأشياء أوسطها.
ثم قال: قال علماؤنا: أنبأنا ربنا- تبارك وتعالى- في كتابه بما أنعم علينا من تفضيله لنا باسم العدالة، وتولية خطير الشهادة على جميع خلقه، فجعلنا أولا مكانًا، وإن كنَّا آخرًا زمانًا، كما قال، عليه السلام: «نحن الآخرون الأولون» (?) . وهذا دليل على أنَّه لا يشهد إلا العدول، ولا ينفذ قول الغير على الغير إلا أن يكون عدلا (?) .
وممّا يدلّ على أنَّ العدل من ملامح الوسطيَّة قول الطبري: وأمَّا التّأويل فإنَّه جاء بأنّ الوسط العدل، وذلك معنى الخيار، لأنَّ الخيار من النَّاس عدولهم (?) .
ثم ساق الأدلّة من السنَّة وأقوال السّلف في ذلك.