معناها من هذا المعنى الذي سبق تقريره، ولإيضاح ذلك أذكر تفسير بعض هذه الآيات باختصار:
قال تعالى: (وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الأنعام:87].
قال مجاهد -رحمه الله-: وسددناهم فأرشدناهم إلى طريق غير معوج وذلك دين الله الذي لا عوج فيه، وهو الإسلام الذي ارتضاه ربنا لأنبيائه، وأمر به عباده (?).
وفي قوله تعالى: (وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا) [الأنعام: 126].
قال الطبري -رحمه الله-: هو صراط ربك، يقول: طريق ربك، ودينه الذي ارتضاه لعباده (مُسْتَقِيمًا) يعني قويما لا اعوجاج به عن الحق (?).
وفي قوله تعالى: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الأنعام: 161].
قال الطبري -رحمه الله-: يقول: قل لهم إنني أرشدني ربي إلى الطريق القويم، وهو دين الله الذي ابتعثه به، وذلك الحنيفية المسلمة، فوفقني له (?).
وفي سورة الأعراف: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيم) [الأعراف: 16]، قال الطبري -رحمه الله-: يقول لأجلسن لبني آدم صراطك المستقيم، يعني طريقك القويم، وذلك دين الله الحق، وهو الإسلام وشرائعه (?).
وفي قوله تعالى: (فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا) [مريم: 43]، قال الطبري -رحمه الله-: يقول أبصرك هدى الطريق المستوى الذي لا تضل فيه إن لزمته، وهو دين الله الذي لا اعوجاج فيه (?).
وفي قوله تعالى: (وَإِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ) [المؤمنون: 74] قال الطبري -رحمه الله-: يقول عن محجة الطريق، وقصد السبيل، وذلك دين الله الذي ارتضاه لعباده العادلين (?).
وبهذا يتضح أن معنى الصراط في جميع هذه الآيات معنى واحد، وإن اختلفت العبرة والسياق.