إننا بدون فهم معنى (الصراط المستقيم)، وتحديد مدلوله، لا نستطيع فهم الوسطية على معناها الصحيح، وقد ورد لفظ الصراط المستقيم، في القرآن الكريم عشرات المرات، وجاء أيضًا بلفظ (صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا) [الفتح: 2]، و (صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) [الأعراف: 16]، (صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا) [الأنعام: 153] ونحو ذلك.
ففي سورة الفاتحة نجد قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة: 5]. ثم يفسره بأنه (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) [الفاتحة: 7].
وفي البقرة جاء قوله تعالى: (يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [البقرة: 142] وجاء بعد هذه الآية مباشرة (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) [البقرة: 143]، وسيأتي بيان العلاقة بين هاتين الآيتين، وعيسى -عليه السلام-، في سورة آل عمران يقول لقومه: (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) [آل عمران: 51].
ونجد أن سورة الأنعام من أكثر السور التي ورد فيها الحديث عن الصراط المستقيم (مَن يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الأنعام: 39]، (وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الأنعام: 87]، (وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا) [الأنعام: 126]، (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ) [الأنعام: 153]، (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الأنعام: 161].
وفي سورة إبراهيم سماه صراط العزيز الحميد: (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [إبراهيم: 1]، وفي سورة طه، وصفه بالسوي فقال: (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى) [طه: 135].
وفي سورة الحج أضافه للحميد فقال: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) [الحج: 24] وفي سورة المؤمنون عرفه دون وصف أو إضافة: (وَإِنَّ