المؤمنين في وصف المؤمنين وكقوله تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) [النازعات: 40 - 41] (?).

2 - وبعد أن ذكر الآيات التي تدل على النهي عن الغلو والإفراط أو التفريط والتضييع ذكر بعض الآيات التي تأمر بالتزام الوسط بين الإفراط والتفريط، قال تعالى: (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً) [الإسراء: 110]، نزلت هذه الآية ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- متوار بمكة: (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) كان -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فلما سمع ذلك المشركون سبوا القرآن، وسبوا من أنزله، ومن جاء به، قال: فقال الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ) أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن: (وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً) (?).

قال القرطبي: روى مسلم عن عائشة في قوله تعالى: (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) قالت: أنزل هذا في الدعاء (?).

والشاهد أن هذه الآية تأمر بالتوسط بين أمرين منهي عنهما وهما الجهر الشديد، والمخافتة والإسرار: (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً).

وقال تعالى: (وَاذْكُر رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ) [الأعراف: 205].

قال القرطبي: (وَدُونَ الْجَهْرِ) أي دون الرفع في القول، أي: اسمع نفسك كما قال: (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً) [الإسراء: 110]، أي: بين الجهر والمخافتة (?).

وقال ابن كثير: (تَضَرُّعًا وَخِيفَةً) أي: ذكر ربك في نفسك رغبة ورهبة، وبالقول لا جهرًا، ولهذا قال: (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) [وهكذا يستحب أن يكون الذكر، لا يكون نداء ولا جهرًا بليغًا (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015