فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه" (?).

فهذا يدل على سماحة ويسر الشريعة.

نموذج آخر: أبو الدرداء:

آخر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين سلمان (?) وبين أبي الدرداء، "فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة (?) فقال: ما شأنك متبذلة؟ قالت: إن أخاك أبا الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، قال: فلما جاء أبو الدرداء قرب إليه طعاما فقال: كل فإني صائم قال: ما أنا بآكل حتى تآكل، قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء ليقوم، فقال له: سلمان: نم فنام، ثم ذهب يقوم فقال له: نم فنام، فلما كان عند الصبح قال له سلمان: قم الآن فقاما فصليا، فقال: إن لنفسك عليك حقا، ولربك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتيا النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك، فقال له: "صدق سلمان" (?).

فهذه ثمرة من ثمرات الأخوة الصادقة التي غرسها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في نفوس أصحابه، وهذه الأخوة عليها معول كبير في تقويم مسلك الغلو، إذ هي تنشيء التفاهم والثقة وهما عنصران ضروريان في العلاج، وكان علاج سلمان فيه حزم وحكمة: فأبي أن يأكل إلا إذا أكل معه أبو الدرداء، ولما أرخى الليل سدوله، سلك طريقة عملية متدرجة في علاج الجموح وضبطه، فأمره بالنوم في أوله، ثم قام معه في آخره وصليا جميعا، وهكذا نجح العلاج عند توفر: الأخوة، والحزم، والحكمة ولين الطرف الآخر (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015