في التزود من الخير دفعتهم للسؤال عن أسلوب النبي -صلى الله عليه وسلم- في عبادته، فلما علموا، رأوا أن ذلك قليل فقالوا ما قالوا.

ولكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يقر هذا الاتجاه فبادر بعلاجه، وصحح نظرتهم لتحصيل خشية الله وتقواه؛ فبين أنها ليست بالتضلع من أعمال والتفريط في أخرى، ولكنها تحصل بالموازنة بين جميع مطالب الله، وهذا هو عين الوسطية والحكمة والاستقامة والاعتدال والعدل (?).

نموذج آخر: عبد الله بن عمرو بن العاص:

قال عبد الله بن عمرو: قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-" ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار؟ "، قلت: إني أفعل ذلك، قال: "فإنك إذا فعلت ذلك هجمت عينك، ونفهت نفسك، وإن لنفسك حقا ولأهلك حقا فصم وأفطر، وقم ونم" (?).

هذا موقف لشاب صالح تقي، أشرب قلبه حب الله وذاق حلاوة الوقوف بين يديه، فأسهر ليله، وأظمأ نهاره، وزهد في الدنيا، ولذاتها وبالغ في ذلك، وكان السبب في ذلك إرادة الخير، ولكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانت عينه ساهرة اهتماما بشؤون أمته فلم يقره على هذا المسلك برمته؛ بل هذب هذه النزعة حتى تؤتي ثمارها، كل ذلك بأسلوب حكيم، فبين له -صلى الله عليه وسلم- أن الفطرة الإنسانية والطبيعة البشرية لا تتحمل ذلك دوما، نعم قد تتحمله فترة ولكن تحدث بعد ذلك انتكاسة، ولنا في تاريخ الرهبان عبرة وفي هذه القصة أيضًا، وبين -صلى الله عليه وسلم- أن المبالغة في العبادة يصحبها غالبا تقصير في حقوق أخرى كثيرة (?).

نموذج آخر: أبو إسرائيل (?):

عن ابن عباس قال: بينما النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015