ب- إرادة قدرية كونية خلقية: وهي التي بمعنى المشيئة الشاملة لجميع الموجودات وذلك مثل الإرادة في قوله تعالى: {وَلَكنَّ اللَّهَ يَفْعَل مَا يُرِيدُ} [البقرة: 253] وقوله: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هود: 34] وقالوا: وإن كان يريد المعاصي إرادة كونية قدرية فهو لا يحبها ولا يرضاها ولا يأمر بها، بل يبغضها ويسخطها، ويكرهها وينهى عنها، هذا قول السلف والأئمة قاطبة فيفرقون بين إرادته التي تتضمن محبته ورضاه وبين إرادته ومشيئته الكونية القدرية التي لا يلزم منها المحبة والرضى (?).

وبهذا التمييز بين الإرادتين يمتاز قول أهل السنة عن قول كل من فريقي القدرية والمعتزلة، والجبرية، الذين سووا بين الإرادة والمشيئة وبين المحبة والرضى، فضل المعتزلة إذ ذهبوا إلى القول بأنه يقع في ملك الله ما لا يريد ولا يشاء، وهلك أهل الجبر بقولهم: إن الكفر والشرك والعصيان محبوبة لله مرضية عنده، ومنشأ ضلال الفريقين إنما هو تسويتهم بين الإرادة والمشيئة وبين المحبة والرضى وجعلهم معنى إرادته هو معنى محبته ورضاه.

وهدى الله أهل السنة لأحسن القول فميزوا وفرقوا بين الأمرين، وخلصوا بالحق من بين الضلالتين، وهذا عنوان وسطيتهم المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وآية اعتدالهم واتزانهم (?).

...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015