تباينت مواقف الفرق، واختلفت أقوالها في باب إرادة الله ومشيئته، فضل في ذلك طوائف، وهدى الله المعتصمين بكتابه، وسنة نبيه لما اختلفوا فيه من الحق.
1 - فقالت المعتزله: كل ما أراده الله وشاءه فقد أحبه ورضيه، فسووا بين إرادته ومشيئته وبين محبته وجعلوهما بابًا واحدًا ثم قالوا: الكفر والفسوق والعصيان لا يحبها ولا يرضاها، فلا يريدها ولا يشاؤها فأخرجوها من محيط إرادته وعموم مشيئته (?).
2 - وقالت الجبرية: الكون كله بقضاء الله وقدره، والله هو الخالق الفاعل في الحقيقة، وإن الإنسان مجبور على أفعاله لا قدرة له ولا إرادة، فكل ما وقع في الكون يكون محبوبًا مرضيًّا له (?)، سواء في ذلك الإيمان والكفر والطاعات والمعاصي, إذ كل ذلك وقع بإرادته ومشيئته فسووا بين الإرادة والمحبة والرضى (?).
لذلك احتجوا بالقدر على المعاصي، وقال قائلهم: {لَوْ شَاءَ اللَّه ما أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤنَا} [الأنعام: 148].
3 - وقال أهل السنة: ليس معنى إرادة الله ومشيئته هو معنى محبته ورضاه؛ بل بينهما فرق لا بد من التنبه له, فإن الإرادة في كتاب الله نوعان:
أ- إرادة شرعية دينية: وهي تتضمن معنى المحبة والرضى، كقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيسْرَ وَلا يرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] وقوله: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 27 - 28].