المبحث الثاني الإفراط والتفريط في باب القدر

قد ضل في باب القدر فرق شتى من الناس، ومنشأ ضلالهم اتباعهم للهوى ونظرهم إلى النصوص بعين عوراء فيأخذون ما وافق أهواءهم، ويعمون، أو يتعامون عن غيره، ومن أشهر الفرق التي ضلت في هذا الباب ما يلي:

1 - الفلاسفة:

الذين أنكروا (علمه تعالى بالجزئيات، وقالوا إنه يعلم الأشياء على وجه كلي ثابت، وحقيقة قولهم أنه لا يعلم شيئاً, فإن كل ما في الخارج هو جزئي) (?).

وقد تأثر اليهود والنصارى بالفلسفة القديمة وتجد في كتبهم المحرفة ما يفيد إنكار علم الله تعالى كما في سفر التكوين (?) حيث زعم اليهود أن الله تعالى: (لا يعلم الغيب ويحتاج علامات يميز بها بني إسرائيل من غيرهم، فوضع الدم علامة على بيوت بني إسرائيل ليميزها عن بيوت المصريين حتى لا يهلكهم) (?).

وأما النصارى فقد جعلوا المخلوق إلهًا ونفوا عن إلههم أن تكون له إرادة ومشيئة وعلم بما يحصل له أو لمخلوقاته، تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيرًا (?) وهذا بسبب بُعْدهم عن الكتب المقدسة الصحيحة وتأثيرهم بالفلسفات الباطلة، ويكفى في الرد عليهم قوله تعالى:

{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59].

2 - من يعتقدون تأثير الكواكب والأسماء والأبراج:

كحال الذين ينظرون في النجوم والأسماء، ليستطلعوا من خلالها أسرار القدر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015