ألا تقتلها؟ قال: لا قال: فما زلت أعرفها في لهوات (?) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (?).

وتشير بعض الروايات إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مات وهو يجد أثر سم اليهود له، ففي حديث عائشة - رضي الله عنها - " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في مرضه الذي مات فيه: يا عائشة: ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم " (?).

وبعد: فهذا هو موقف يهود من رسل الله وأنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم؛ إيمانًا ببعض وكفر ببعض، وتنقص منهم وإيذاء، وسب، وشتم، وقذف بارتكاب جرائم السكر والعربدة، والزنى والقتل، ثم تشريد ومطاردة وقتل لبعضهم وهي مواقف تدل على مبلغ تفريط القوم وبعدهم عن الوسطية وعن الصراط المستقيم وعن العدل والاستقامة في حق أنبياء الله ورسله، وعظم تقصيرهم وشدة جفائهم وعداوتهم وبما غلوا وأفرطوا في حق بعض أنبيائهم، وأنزلوهم فوق مكانة النبوة والرسالة، كما وقع منهم في حق العزير عليه السلام إذ قالوا إنه ابن الله كما ذكر الله عز وجل ذلك في قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30].

ومن مظاهر غلوهم اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد، كما أخبر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بذلك ولعنهم لأجله فقال: " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " (?) وفي حديث آخر قال - صلى الله عليه وسلم -: " قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " (?).

فالقوم كان لديهم غلو في بعض أنبيائهم، لكن لما كان الغالب عليهم الجفاء والتفريط في هذا الجانب ظن بعض الناس أنه لم يقع منهم غلو، لكثرة ما ورد في القرآن من نسبة قتل الأنبياء وتكذيبهم إليهم، بل ربما لهوى في نفوس البعض، حاول التشكيك في الأحاديث التي أشرنا إليها وأوهم أنها تعارض ما جاء في القرآن من ذكر جفائهم للأنبياء، وغفل أو تغافل عن أن القرآن الكريم كما جاء فيه نسبة التفريط إليهم، جاء فيه أيضًا نسبة الإفراط والغلو إليهم كما تقدم في شأن العزير عليه السلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015