ومنتقل الى ولده كانتقال مالِه؛ فإن رُوعي وحُرِس ثبت وازداد، وإن أهمل وأضيع هلك وباد، وكذلك شرف الولد يعمّ القبيلة، وللوالد منه القِسم الأوفر، ولو اقتصر على قوله: بهم سادت على غيره عِجْل لوجد العُذر إليه مسلكاً، ولأمكن أن يقال: إن عِجْلاً تسود بهم وبأفعالها أيضاً فقد تسود القبيلة، وقد يجتمع للإنسان وجوه من الشرف كلها تقدّمه وتَشيد مجدَه وتسوِّده، فكأنهم مفاخر عِجْل التي تسود بها؛ لكنّه وعّر هذه الطريقة بقوله وما سوّدت عجلاً مآثر عزمهم فجعل الرجل خارجياً بائناً، لا حظّ له في حسب آبائه وشرفهم. وإنما الجيد ما قال زهير:
وما يكُ من خير أتوه فإنّما ... توارثَه آباءُ آبائِهِم قبلُ
وقد تجاوز هذا، فجعل الأبَ أوْلى بالشرف فقال:
يطلُبُ شأوَ امرأيْنِ قدّما حسنا ... نالا الملوكَ وبذّا هذه السّوَقا
هو الجوادُ فإن يلحَقْ بشأوِهِما ... على تكاليفِه فمثلُه لحِقا
أو يسبقاه على ما كان من مهَلٍ ... فمثل ما قدّما من صالح سبَقا
وجرى أبو الطيب على منهاج ابن جبَلة فقال:
ما بقومي شرُفْتُ بل شرُفوا بي ... وبنفسي فخرْتُ لا بجُدودي
فختم القول بأنه لا شرف له بآبائه. وهذا هجْوٌ صريح، وقد رأيتُ من يعتذر به فيزعم أنه أراد: ما شرفت فقط بآبائي، أي لي مفاخر غير الأبوة، وفيّ مناقبُ سوى الحسب. وباب التأويل واسع، والمقاصد مغيّبة، وإنما يُستشهد بالظاهر،