هو وظيفة يرتبط وجودها في الإنسان بوجود أدواتها الظاهرة والباطنة، وبمقدار ما تكتسبه هذه الأدوات من الخبرة الزمنية, ويحصل لها من النضج يكون مقدار العقل للأشياء أتم وأكمل, وتعقله للأمور أكثر نضجا وأقرب إلى الصواب.

ومفهوم العقل هنا يساوي تماما في الاشتقاق اللغوي المعنى المصدري لقولنا: فهمت المسألة فهما، وضربت الولد ضربا، فتقول: عقلت المسألة عقلا وتعقلت الأمر تعقلا، وعملية العقل للمسألة والتعقل للأمر ليس لها مكان في الجسم فتحل به، وليس لها أداة معينة في الجسم. فتقوم بها كما يقوم البصر بحاسة العين ويقوم السمع بحاسة الأذن، وإنما هي وظيفة جامعة لكل وظائف الحواس وهي التي تجرد هذه الحواس عن لواحقها الحسية، فالعين تدرك الأسود والأبيض, والعقل هو الذي يدرك معنى البياض والسواد, والذوق يدرك الحلو والمر, والعقل هو الذي يدرك معنى المرارة والحلاوة.

والقرآن الكريم حين ذكر الحواس المعرفية قرن كل حاسة بوظيفتها، قال تعالى: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} [الأعراف: 195] . وأحيانا يذكر الحاسة مقرونة بوظيفتها على سبيل النفي كما في قوله: {وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بهَا}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015