الوحي وسيلة للمعرفة:
ليس هدفنا التعرض تفصيلا للوحي وما يتعلق به من مسائل كلامية، فقد تكلفت بذلك كتب علم الكلام والعقيدة، ولكن الذي أقصده هنا بيان أن الوحي إحدى وسائل المعرفة الخاصة بالغيبيات, فإذا كان عالم الشهادة له وسائله المعرفية من الحواس الخمس والعقل والتجربة, فإن العالم الغيبي له وسيلته أيضا وهي الوحي:
والوحي في اللغة هو الإعلام الخفي, وقد يضيف البعض قيدا إلى ذلك فيقول: هو الإعلام الخفي السريع.
وعند الأصوليين إعلام الله تعالى أنبياءه ورسله بشرع ليعملوا به ويبلغوه للناس، فنزلت شريعة التوراة على موسى، ونزل الإنجيل على عيسى, ونزل القرآن على محمد -صلى الله عليه وسلم.
وقد يطلق لفظ الوحي ويراد به جبريل ملك الوحي الذي نزل بهذه الكتب السابقة، كما في قوله -صلى الله عليه وسلم: "يأتيني أحيانا مثل صلصلة الجرس، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا" وكما في قول عائشة -رضي الله عنها: ولقد رأيته -صلى الله عليه وسلم- ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فينفصم عنه, وإن جبينه ليتفصد عرقا.