ويكفي أن نعرف أن البنت في أوروبا إذا بلغت سنا معينة من عمرها فإنها تكون مسئولة عن نفسها مسئولية كاملة سلوكيا وأخلاقيا واجتماعيا؛ لتصبح في سجل الأسرة كائنا مهملا لا مكانة له، ولم يكن لها في الوضع الاجتماعي حقوق تعرف إلا في مطلع هذا القرن. لم يكن لها حقوق لا قبل الزوج ولا قبل الأسرة, فكانت كما مهملا يباع ويشترى في أسواق النخاسة والرقيق الأبيض، فكان لا بد من تشريع قانون يضمن للمرأة حياتها الآدمية، يكفل لها حقوقها قبل زوجها وقبل أسرتها باعتبارها شريكة الرجل في مؤسسة الحياة الزوجية كما يسمونها, وبالتالي كان لا بد أن تقاسم إخوتها الأشقاء في ميراث الأب سواء بسواء، بحيث لا يتميز عنها أخوها لأنه ليس مكلفا بكفالتها، ولا بالإنفاق عليها كما هو الشأن في الإسلام، وكذلك الأمر في داخل الأسرة، كان لا بد من تشريع يضمن للمرأة حقوقها قبل زوجها في حال استقرار الحياة الزوجية وفي حال الانفصال؛ لأنه ليس لديهم شريعة سماوية تنظم هذه العلاقة في داخل بيت الزوجية وما يترتب على ذلك من حقوق وواجبات لكل منهما قبل الآخر. وعلى سبيل الإجمال, فإن الإسلام يختلف عن الحضارة الغربية في موقفه من المرأة؛ فقد كفل لها معيشتها الكريمة في كنف الرجل في جميع مراحل عمرها، فإذا افتقدت الأب أو الأخ انتقلت كفالتها إلى عمومتها وإلى أبنائهم من بعدهم، وإذا افتقدت عائلها من العصبة فإن بيت مال المسلمين يعول من لا عائل له, وعند زواجها يقوم الزوج بالإنفاق عليها إلى حد الكفاية اللائقة بها حسب وضعها الاجتماعي؛ ولذلك فقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015