وحين نحاول دراسة الكون وقوانين تسخيره بعيدا أو منفصلا عن خالقه, فإننا بذلك نكون قد أبطلنا الوظيفتين السابقتين للكون، كونه آية دالة على خالقه وكونه مرآة لصفات الخالق، وحينئذ لا يجد الباحث أمامه إلا القول بالعبثية المطلقة أو الصدفة العشواء وتنتفي الغائية والحكمة. وهذا ما فعله الماديون في بحوثهم الكونية، لقد بتروا الصلة تماما بين الكون وخالقه، وأصبح العالم عندهم مادة فاعلة ومادة منفعلة وليس وراء ذلك فاعل حكيم ولا غاية مقصودة.
إن تحقيق الوظائف الكونية السابقة هدف أساسي من أهداف المعرفة بالكون، وغاية مقصودة للشارع، أمر بها القرآن وكلف بها الإنسان، فلا بد أن يكون الكون موظفا بواسطة الإنسان لتحقيق هذه الأهداف الكبرى:
1- أنه آية دالة على الخالق.
2- أنه مرآة تنعكس على صفحتها صفات الخالق وآثار صفاته.
3- أنه دليل على عالم الغيب.
4- أنه مسخر لخدمة الإنسان.
وهذه الوظائف الكبرى لا تتحقق واحدة منها إلا بالعلم وبمجهود العلماء.